فصل: الوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
ويستخدم الحق سبحانه من أساليب البيان ما يخرجنا عن الغفلة، فلم يقل: {الله له ملك السموات والأرض}، ولو كان قد قال ذلك لكان الأمر خَبَرًا من المتكلم وهو الله، ولكنه يريد أن يكون الخبر من المُخَاطَب إقرارًا من العبد. ولا يخرج الخَبَر مَخرج الاستفهام إلا وقائل الخبر واثِقٌ من أن جواب الاستفهام في صالحه؛ والمثال على هذا هو أن يأتيك إنسان ويقول: «انت تهملني». فتقول: أنا أحسنت إليك.
ولكن إن أردت أن تستخرج الخَبَر منه فأنت تقول: ألم أُحْسِن إليك؟ وبذلك تستفهم منه، والاستفهام يريد جوابا. فكأن المسئول حين يجيب عليه أن يدير ذهنه في كل مجال ولا يجد إلا أن يقول: نعم أنت أحسنت إليّ. ولو جاء ذلك من المتكلم لكانت دعوى، لكن إن جاءت من المُخاطَب فهي إقرار، ومثال ذلك قول الحق: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1].
إنه خَبرٌ من المتكلم والإقرار من المتلقي. وقد يقول قائل ولماذا لم يقل الحق: «أشرحنا لك صدرك»؟ كان من الممكن ذلك، ولكن الحق لم يقلها حتى لا يكون في السؤال إيحاء بجواب الإثبات بل جاءت بالنفي.
وفي قوله الحق: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 40].
نجد منطوق الآية ليس دعوى من الحق، ولكنه استفهام للخلق ليديروا الجواب على هذا، فلا يجدوا جوابًا إلا أن يقولوا: {للَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض}. وهذا أسلوب لإثبات الحجة والإقرار من العباد، لا إخبارًا من الحق: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض}، وقد يقول إنسان: إن هناك أجزاء من الأرض ملكا للبشر. ونقول: صحيح أن في الأرض أجزاء هي ملك للبشر، ولكن هناك فرق بين أن يملك إنسان ما لا يقدر على الاحتفاظ به.. كملك البيت والأرض، إنه مِلْك- بكسر الميم- لمالك. وهناك «مُلْك»- بضم الميم- لِمَلِكٍ هو الله. وفي الدنيا نجد أن لكل إنسان ملكية ما. ولكن المَلِك في الأرض يملك القرار في أملاك شعبه، وهذا في دنيا الأسلوب، أما في الآخرة فالأسباب كلها تمتنع: {لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} [غافر: 16].
فلا أحد له مُلكٌ يوم القيامة.
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ} والقارئ بإمعان للقرآن يجد فيه عبارات تجمع بين أمرين أحدهما يتقدم، والآخر يتأخر. ويأتي الأمر في أحيان أخرى بالعكس. ولكن هذا القول هو الوحيد في القرآن الذي يأتي على هذا النسق، فكل ما جاء في القرآن يكون الغفران مقدّمًا على العذاب؛ لأن الحق سبحانه قال في الحديث القدسي: «إن رَحمتي سبقت غَضبي».
فلماذا جاء العذاب في هذه الآية مقدمًا على الغُفران: {يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ} هل السبب هو التَّفنَّن في الأساليب؟ لا؛ لأن جمهرة الآيات تأتي بالغفران أولًا، ثم بالوعيد بالعذاب لمن يشاء سبحانه. ولننظر إلى السّياق. جاء الحديث أولًا عن السارق والسارقة، وبعد ذلك عمّن تاب. فالسرقة إذن تقتضي التعذيب، والتوبة تقتضي المغفرة، إذن فالترتيب هنا منطقي.
ونلحظ أن هذا القول قد جاء بعد آية السرقة وبعد آية الإعلام بأن له مُلْكَ السموات والأرض. ولذلك كان لابد من تذييل يخدم الاثنين معًا. ليؤكد سيطرة القدرة. وحين يريد الحق أن يرحم واحدًا. فليس في قدرة المرحوم أن يقول: «لا أريد الرحمة». وحين يعذب واحدًا لن يقول المعذَّب- بفتح الذال-: «لا داعي للعذاب». فسيطرة القدرة تؤكد أنه لا قدرة لأحد على رَدِّ العذاب أو الرحمة. إذن فالآية قد جاءت لتخدم أغراضًا مُتعددة. فإن حسبناها في ميزان الأحداث فللحق كل القدرة. وإن حسبناها في ميزان الزمن، فكيف يكون الأمر؟.
نعرف أن التعذيب للسّرقة قسمان.. تعذيب بإقامة الحَدّ، وفي الآخرة تكون المغفرة. إذن فالكلام منطقي مُتَّسق.
إنني أقول دائمًا: إياكم أن تُخدَعوا بأن الكافر يكفر، والعاصي يعصى دون أن ينال عقابه؛ لأن من تعوَّد أن يتأبَى على منهج الله، فيكفر أو يعصي لابد له من عقاب. لقد تمرَّدَ على المنهج، ولكنه لا يجرؤ على التَمرُّد على الله.
إن الإنسان قد يتمرد على المنهج فلا يؤمن أو لا يقيم الصلاة، لكن لا قدرة لإنسان أن يتمرد على الله، لأنه لا أحد يقدر على أن يقف في مواجهة الموت، وهو بعضٌ من قُدْرةِ الله. وسبحانه وتعالى يحكم ما يريد. وقد أراد أن يوجِد للإنسان اختيارًا في أشياء، وأن يقهر الإنسان على أشياء، فيا من مرَّنت نفسك على التمرّد على منهج الله عليك أن تحاول أن تتمرّد على صاحب المنهج وهو الله. ولن تستطيع لا في شكلك ولا لونك ولا صحتك ولا ميعاد موتك. وليفتح كل مُتَمرِّد أذنيه، وليعرف أنه لن يقدر على أن يَتمرَّد على صاحب المنهج وهو الله. إذن صدق قول الله: {والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: إن آدم الروح بازدواجه مع حواء القالب ولد قابيل النفس وتوأمته إقليما الهوى، ثم هابيل القلب وتوأمته ليوذا العقل، فكان الهوى في غاية الحسن في نظر النفس فبه تميل إلى الدنيا ولذاتها.
وكان في نظر القلب أيضًا في غاية الحسن فبه يميل إلى طلب المولى، وكان العقل في نظر النفس في غاية القبح لأنها به تنزجر عن طلب الدنيا، وكذا في نظر القلب لأنه بالعقل يمتنع عن طلب الحق والفناء في الله ولهذا قيل: العقل عقيله الرجال، فحرم الله تعالى الازدواج بين التوأمين لأن الهوى إذا كان قرين النفس أنزلها أسفل سافلين الطبيعة، وإذا كان قرين القلب كان عشقًا فيوصله إلى أعلى فراديس القرب، وإذا كان العقل قرين القلب صار عقالًا له، وإذا كان قرين النفس حرضها على العبودية فرضي هابيل القلب وسخط قابيل النفس وكان صاحب زرع أي مدبر النفس النامية وهي القوّة النباتية، فقرب طعامًا من إردإ زرعه وهي القوّة الطبيعية، وكان هابيل القلب راعيًا لمواشي الأخلاق الإنسانية والصفات الحيوانية فقرب الصفة البهيمية وهي أحب الصفات إليه لاحتياجه إليها لضرورة التغذي والبقاء ولسلامتها بالنسبة إلى الصفات السبعية والشيطانية. فوضعا قربانهما على جبل البشرية ثم دعا آدم الروح فنزلت نار المحبة من سماء الجبروت فحملت الصفة البهيمية لأنها حطب هذه النار ولم تأكل من قربان قابيل النفس شيئًا لأنها ليست من حطبها بل هي حطب نار الحيوانية {فتبوء بإثمي وإثمك} أي إثم وجودي وإثم وجودك، فإن الوجود حجاب بيني وبين محبوبي. فقتل قابيل النفس هابيل القلب والنفس أعدى عدو القلب {فأصبح من الخاسرين} أما في الدنيا فبالحرمان عن الواردات والكشوف، وأما في الآخرة فبالبعد عن جنات الوصول {فبعث الله غرابًا} هو الحرص في الدنيا ليشغل بذلك عن فعلتها. وفي تعليم الغراب إشارة إلى أنه تعالى قادر على تعليم العباد بأي طريق شاء فيزول تعجب الملائكة والرسل باختصاصهم بتعليم الخلق {في الأرض لمسرفون} أي في أرض البشرية {إنما جزاء الذين يحاربون}.
أولياء الله: {أون يقتلوا} بسكين الخذلان {أو يصلبوا} بحبل الهجران على جذع الحرمان {أو تقطع أيديهم}.
عن أذيال الوصال {وأرجلهم من خلاف} عن الاختلاف {أو ينفوا} من أرض القربة والائتلاف {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} جعل الفلاح الحقيقي في أربعة أشياء: في الإيمان وهو إصابة رشاش النور في بدو الخلقة وبه يخلص العبد من ظلمة الكفر، وفي التقوى وهو منشأ الأخلاق المرضية ومنبع الأعمال الشرعية وبه الخلاص عن ظلمة المعاصي، وفي ابتغاء الوسيلة وهو إفناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية وبه يخلص من ظلمه أوصاف الوجود، وفي الجهاد في سبيله وهو محو الأنانية في إثبات الهوية وبه يخلص من ظلمة أوصاف الوجود ويظفر بنور الشهود {وما هم بخارجين منها} لأنهم خلقوا مظاهر القهر {السارق والسارقة} كانا مقطوعي الأيدي عن قبول رشاش النور فكان تطاول أيديهما اليوم إلى أسباب الشقاوة من نتائج قصر أيديهما عن قبول تلك السعادة {جزاء بما كسبا} الآن في عالم الصورة {نكالًا من الله} تقديرًا منه في الأزل. اهـ.

.تفسير الآية رقم (41):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)}

.اللغة:

{يحزنك} الحزن والحزن خلاف السرور.
{السحت}: الحرام سمي بذلك لأنه يسحت الطاعات أى يذهبها ويستاصلها، وأصل السحت: الهلاك، قال تعالى: {فيسحتكم بعذاب} أى يستأصلكم ويهلككم.
{الأحبار} جمع حبر وهو العالم مأخوذ من التحبير وهو التحسين.
{وقفينا} أتبعنا.
{مهيمنا} المهيمن: الرقيب على الشيء الحافظ له، من هيمن عليه أى راقبه وياتي ثمعنى العالي والمرتفع على الشيء.
{شرعة} الشرعة: السنة والطريقة يقال: شرع لهم أى سن لهم.
{منهاجا} المنهاج: الطريق الواضح. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{السحت} بضمتين: ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب ويزيد وعلي. الباقون بسكون العين. {واخشوني} بالياء في الحالين: سهل ويعقوب وابن شنبوذ عن قنبل وافق أبو عمرو ويزيد وإسماعيل في الوصل {والعين} وما بعده بالرفع علي وافق أبو عمرو وابن كثير وابن عامر ويزيد في {والجروح} بالرفع. {والأذن} وبابه بسكون العين: نافع. {وليحكم} بالنصب: حمزة. الباقون بالجزم.

.الوقوف:

{قلوبهم} ج أي ومن الذين هادوا قوم سماعون، وإن شئت عطفت {ومن الذين هادوا} على {من الذين قالوا آمنا} ووقفت على {هادوا} واستأنفت بقوله: {سماعون} راجعًا إلى الفئتين، والأول أجود لأن التحريف محكي عنهم وهو مختص باليهود {آخرين} لا لأن ما بعده صفة لهم. {لم يأتوك} ط {مواضعه} ج لاحتمال ما بعده الحال والاسئناف {فاحذروا} ط {شيئًا} ط {قلوبهم} ط {عظيم} o {للسحت} ط لأن المشروط غير مخصوص بما يليه {أعرض عنهم} ج {شيئًا} ط {بالقسط} ط {المقسطين} o {ذلك} ط لتناهي الاستفهام {بالمؤمنين} o {ونور} ج لاحتمال ما بعده الحال والاستئناف {شهداء} ط لاختلاف النظم مع فاء التعقيب {قليلًا} ط {الكافرون} o {بالنفس} ط لمن قرأ {والعين} وما بعده بالرفع {بالسن} ط لمن قرأ {والجروح} بالرفع {قصاص} ط لابتداء الشرط {كفارة له} ط {الظالمون} o {من التوراة} الأولى ص لطول الكلام {ونور} ط لأن الحال بعده معطوف على محل الجملة قبله الواقعة حالًا. {للمتقين} ط لمن قرأ {وليحكم} بالنصب {فيه} ط {الفاسقون} o. اهـ.